خالد الطوخى يكتب:الشباب والانتخابات الرئاسية.. إعادة صياغة المستقبل

خالد الطوخى,مصر,الإعلام,المواطنة,الديمقراطية,التنمية,اليوم

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
خالد الطوخى يكتب: الشباب والانتخابات الرئاسية.. إعادة صياغة المستقبل

خالد الطوخى يكتب: الشباب والانتخابات الرئاسية.. إعادة صياغة المستقبل

من الوعى إلى الصندوق.. كيفية إشراك الشباب فى العملية الانتخابية

 

تمكين الشباب لاتخاذ قرارات قوية ومؤثرة.. وإستراتيجيات لزيادة مشاركتهم فى الحياة السياسية

 

الشباب المستنير والواعى سياسيًا هو أساس التنمية الديمقراطية المستدامة

 

شباب مصر يقبلون الآن على الانضمام إلى الأحزاب السياسية وإنشاء منظمات المجتمع المدنى

 

بناء مؤسسات ديمقراطية قوية تضمن الحقوق والحريات للجميع "أولوية الجميع"

 

فى زمن يشهد تحولات سياسية واجتماعية متسارعة، تبرز أهمية الشباب كقوة دافعة للتغيير وكصناع للمستقبل، وهو ما يتجلى بوضوح فى الحياة السياسية المصرية الآن ، وهو ما ترجمته على أرض الواقع  الدراسة المهمة التى أجراها المركز المصرى للفكر والدراسات الإستراتيجية حول نسبة المشاركة فى الانتخابات الرئاسية المصرية لعام 2023 ، فهذه الدراسة تقدم لنا صورة معبرة عن دور هذه الفئة الحيوية فى المجتمع. 

والحق يقال فإن الديمقراطية ليست مجرد انتخابات، بل هى تعبير عن وعى مجتمعى ومشاركة فعالة فى صنع القرار. 

لقد أظهرت الدراسة أن نسبة المشاركة فى الانتخابات الرئاسية قد تخطت الـ65%، وهو ما يعتبر إنجازًا ملموسًا يعكس تطلعات الشباب ورغبتهم فى التأثير والتعبير عن آرائهم ، وهذا الإقبال اللافت للشباب لا يمكن فصله عن سياقه الأوسع الذى يتضمن تحديات وطنية متعددة، وهذا الوعى يعكس إدراكًا عميقًا للدور المحورى الذى يلعبونه فى تشكيل مستقبل بلدهم ، فمشاركتهم لا ترتكز فقط على الإيمان بالحق فى التصويت، بل أيضًا على فهم العمليات الانتخابية كوسيلة للدفاع عن مصالحهم وتحقيق أهدافهم الوطنية.

وهذا الإقبال الكبير من الشباب لم يأتِ من فراغ، بل هو نتيجة تزايد الوعى السياسى والاجتماعى بين الشرائح الشابة، وكذلك نتاج للجهود المبذولة من قبل المؤسسات التعليمية والمدنية والأحزاب السياسية التى عملت على تثقيف الشباب وتوعيتهم بأهمية دورهم فى العملية الانتخابية. فالشباب اليوم أصبحوا أكثر قدرة على تحليل البرامج الانتخابية وفهم السياسات العامة والقضايا الوطنية والدولية، وهو ما يمكنهم من اتخاذ قرارات انتخابية مبنية على المعرفة والفهم العميق.

جدير بالذكر أن هذا التحول لم يأتِ إلا بعد سلسلة من التحديات والصعوبات التى واجهت الشباب المصرى، بدءًا من المعوقات الاقتصادية وصولًا إلى العوائق السياسية. وقد كان للتكنولوجيا والشبكات الاجتماعية دورٌ هام فى تمكين الشباب من التواصل، التنظيم، ونشر الوعى السياسى. إن دور الإعلام الجديد فى تشكيل الرأى العام وفى تعزيز النقاش السياسى لا يمكن إغفاله، فقد أتاحت منصات مثل فيسبوك وتويتر ويوتيوب فرصًا للشباب ليكونوا جزءًا من الحوار الوطنى وليس مجرد متلقين.

والحق يقال فإن المشاركة الانتخابية للشباب لم تقتصر على التصويت فحسب، بل تعدتها إلى الانخراط فى الحملات الانتخابية، ومراقبة الانتخابات، وحتى الترشح للمناصب السياسية ، وهنا ينبغى أن نضع فى الاعتبار مسألة فى غاية الأهمية هى أن هذا النشاط الشبابى المتزايد له دلالاته الإيجابية على مستقبل الحياة السياسية فى مصر، حيث يؤشر المستقبل السياسى للبلاد ، لذا نجد أن الألفية الجديدة تشهد تغيرات جذرية على مستويات عدة، والشباب بما يمثلونه من حيوية وتطلع نحو التجديد والإصلاح، يجدون أنفسهم فى موقع يمكنهم من القيام بدور رائد فى إعادة صياغة الخريطة السياسية لمصر.

وفى هذا السياق فإنه يمكننا القول إن التحول الديمقراطى فى مصر هو عملية معقدة ومتعددة الجوانب، تشمل تطوير النظم السياسية والقانونية وضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة، وكذلك تعزيز الشفافية والمساءلة. ومع ذلك، يظل العامل الحاسم فى نجاح هذا التحول هو مدى فاعلية مشاركة الشباب وانخراطهم فى العملية السياسية. 

وفى تقديرى فإن الشباب المصرى ليسوا مجرد ناخبين، بل هم قادة المستقبل، إنهم يبحثون عن سبل للتأثير فى السياسات العامة وتحقيق التغيير الإيجابى فى مجتمعاتهم. من خلال الإقبال على صناديق الاقتراع، يظهرون التزامًا بممارسة حقوقهم الديمقراطية وبناء دولة تقوم على أسس المواطنة والمساواة.

لقد أدرك الشباب فى مصر أن الديمقراطية تتطلب أكثر من مجرد التصويت؛ فهى تتطلب مشاركة مستمرة وواعية فى الحياة العامة. وبالتالى، نرى الشباب يتبنون أدوارًا متنوعة فى المجتمع السياسى، من خلال الانضمام إلى الأحزاب السياسية، إنشاء منظمات المجتمع المدنى، المشاركة فى الحوارات السياسية، وحتى استخدام المنصات الرقمية للتعبير عن آرائهم وتنظيم الحملات والمبادرات الاجتماعية.

إن تفاعل الشباب مع القضايا الوطنية والدولية واهتمامهم بالشأن العام يشير إلى تزايد الوعى بأن قرارات اليوم ستؤثر على الأجيال القادمة. وعليه، فإن الإقبال الانتخابى الشبابى فى مصر لا يعكس فقط رغبتهم فى اختيار القادة، وإنما يعكس كذلك إدراكهم أهمية بناء مؤسسات ديمقراطية قوية تضمن الحقوق والحريات للجميع.

ويتجاوز الوعى السياسى للشباب المصرى مجرد الإلمام بالأحزاب والبرامج الانتخابية؛ إنه يشمل فهم القضايا الكبرى التى تواجه البلاد والعالم. يدرك الشباب أن مشاركتهم فى العملية الانتخابية هى جزء من مسؤولية أكبر تتمثل فى بناء مستقبل مستدام وعادل لمصر. 

والوعى السياسى للشباب هو مفتاح المشاركة الواعية فى الحياة الديمقراطية، وهو يعنى الفهم العميق للمفاهيم والمسائل السياسية، والإدراك الكامل للحقوق والواجبات المدنية. يشمل الوعى السياسى ليس فقط المعرفة بالأنظمة والسياسات، بل أيضًا القدرة على التفكير النقدى وتقييم الأوضاع السياسية، وتحليل البرامج الانتخابية، والتمييز بين الحقائق والادعاءات، وفهم العواقب المحتملة للسياسات المختلفة.

إن المشاركة الواعية تعنى أن الناخبين، وبخاصة الشباب، لا يتأثرون فقط بالخطاب العاطفى أو الولاءات العمياء، وإنما يقومون بتحليل متأنٍ ومستنير للقضايا الراهنة والمرشحين. إنها تشير إلى تصويت يستند إلى معرفة معمقة بالقضايا والسياسات والتأثير الذى يمكن أن يحدثه المرشحون المختلفون. هذا النوع من المشاركة يعزز الديمقراطية الصحية حيث يكون الناخبون مشاركين بشكل فعال ومسؤول فى تحديد مستقبلهم السياسى.

ولتحقيق هذا المستوى من الوعى، يجب على المؤسسات التعليمية والمدنية والإعلام القيام بدورها فى توفير المعلومات والتعليم السياسى. يجب أن تتاح للشباب فرص للتعلم عن السياسة والمشاركة فى النقاشات السياسية بطريقة موضوعية وبناءة.

وفى تقديرى فإن المشاركة الواعية تتجاوز الانتخابات، فهى تشمل أيضًا النشاط اليومى فى المجتمع المدنى، والانخراط فى الأنشطة السياسية والاجتماعية، والتعبير عن الرأى من خلال الكتابة والتحدث العام والمشاركة الرقمية. إنها تدعو الشباب ليكونوا مواطنين نشطاء، يسعون ليس فقط لممارسة حقوقهم، ولكن أيضًا للوفاء بواجباتهم تجاه مجتمعهم ودولتهم.

الشباب المستنير والواعى سياسيًا هو أساس التنمية الديمقراطية المستدامة. والوعى السياسى والمشاركة الواعية هما ركيزتان أساسيتان فى بناء مجتمع ديمقراطى ناضج ومتطور. الوعى السياسى يعنى أن يكون الأفراد على دراية بالنظام السياسى فى بلادهم، مفاهيمه الأساسية، قوانينه، وتأثيرات السياسات على حياتهم اليومية ومستقبلهم. هذا الوعى يتطلب من الأفراد التعمق فى فهم السياسة بشكل نقدى، وعدم الاكتفاء بالمعلومات السطحية أو المغلوطة التى قد تنتشر عبر وسائل الإعلام المختلفة.

ومن جهة أخرى، فإن المشاركة الواعية ترتكز على استخدام هذا الوعى السياسى فى اتخاذ قرارات مدروسة بشأن الانخراط فى العمليات السياسية، مثل الانتخابات، التظاهرات، النشاط الحزبى، والحوارات العامة. المشاركة الواعية تعنى أيضاً أن يكون الأفراد قادرين على تقييم الأداء السياسى والمساءلة، والتعبير عن آرائهم بشكل بناء ومسؤول.

ويمكننا القول إن تنمية الوعى السياسى وتشجيع المشاركة الواعية يتطلب جهداً مشتركاً من الأفراد أنفسهم، المؤسسات التعليمية، المنظمات المدنية، ووسائل الإعلام. يجب أن تتضمن البرامج التعليمية مواد تعزز الفهم السياسى وتطور مهارات التفكير النقدى. كما يجب على الإعلام أن يقدم معلومات دقيقة ومتوازنة تمكن الأفراد من تكوين رأى مستنير.

المشاركة الواعية لا تقتصر على البالغين الذين يحق لهم التصويت فحسب، بل يجب أن تشمل الشباب وتعلمهم كيفية الانخراط بفاعلية فى المجتمع من خلال الأنشطة التعليمية والدورات المتخصصة والمحاكاة السياسية وغيرها من الأساليب التفاعلية.

وعلى المستوى الفردى، يمكن تنمية الوعى السياسى من خلال القراءة المستمرة والمتابعة الدقيقة للأحداث السياسية، والمشاركة فى النقاشات والحوارات العامة، والتفاعل مع السياسيين وصانعى القرار.

فى النهاية، فإنه يجب علينا أن نضع فى الاعتبار أن الوعى السياسى للشباب والمشاركة الواعية يمثلان الأساس الذى يمكن عليه للمواطنين أن يساهموا بشكل فعّال.